18 قتيلاً فلسطينياً في غزة والضفة… والجيش الإسرائيلي يعلن مقتل اثنين من عناصره

حرب غزة.. حماس تخوض حربا وجودية وإسرائيل تخشى جبهات أخرى
في الحروب العسكرية، يجب ربط السياسة بالإدارة العسكرية. السياسة هي التي تحدد الأهداف المهمة، ضمن استراتيجية كبرى. وتنتقل هذه الأهداف إلى المؤسسة العسكرية التي تطور استراتيجيتها العسكرية لتحقيق أهداف سياسية. وعليه، فإن القوى السياسية المعنية ملزمة بتوفير الموارد اللازمة للتنفيذ. وإذا لم يكن من الممكن توفير كافة الموارد، فيجب تكييف الخطة العسكرية مع ما هو متاح. ومن هنا نشأ المبدأ الذي يقول: “الاستراتيجية هي عملية ربط الغايات بالوسائل، بشرط تحقيق التوازن والتناسب بينهما”. كلما عظمت الأهداف كلما عظمت الوسائل، والعكس صحيح.
الحرب على غزة
يمكن القول إن ما حدث في 7 أكتوبر لا يصنف على أنه تهديد وجودي مباشر لإسرائيل. ويمكن وصفه على النحو التالي: إنه أكثر من مجرد خطر عادي، كما كانت الحال مع حروب إسرائيل ضد حماس منذ عام 2009. لكنه بالتأكيد أقل من مجرد خطر وجودي مباشر. لكن في حال تكرر الأمر، وفقدت إسرائيل نظام الردع لديها، يمكن القول إن إسرائيل يمكن أن تختفي، ولكن تدريجياً، وضمن مقولة «الموت بألف غرزة». هذا بالنسبة لإسرائيل. أما حركة حماس فهي الآن تخوض حرباً حتى الموت. إنها حرب وجودية، حتى لو كان البعض يعتقد أن الأيديولوجية لا تموت أبدًا. ما فائدة الأيديولوجيا إذا لم تتجسد فعليا في الممارسة؟
انطلاقاً من هذا الإطار العقلي، قد يكون من الممكن متابعة وفهم سير المعارك على الأرض، من المستويات الاستراتيجية والعملياتية وحتى التكتيكية.
من جهة حماس
ويتركز القتال حاليا في شمال وجنوب مدينة غزة. والهدف دائما هو تطويق المدينة من قبل الجيش الإسرائيلي. لذلك، ومن خلال المنطق العسكري، يمكن القول إن حماس خططت لهذا السيناريو قبل وقوع مفاجأة 7 أكتوبر واستعدت لها. ولهذا السبب تتبنى حماس النهج التالي:
* تأخر القتال في شمال المدينة حيث الأراضي زراعية وتستطيع الدبابات الإسرائيلية المناورة فيها بسهولة. ولذلك، لم تنشر حماس الكثير من قواتها للدفاع عن هذه المنطقة. وقد اعتمدت مبدأ: القتال لكسب الوقت، وإرهاق العدو، والتخلي عن المساحة عند الضرورة القصوى، مع إمكانية ضرب مؤخرة العدو بعد تقدمه، باستخدام الأنفاق التي يتركز معظمها وتقع في الشمال. قطاع غزة. كل هذا مع القدرة على إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
* استدراج الجيش الإسرائيلي إلى مدينة غزة وإجباره على القتال من شارع إلى آخر ومن منزل إلى آخر باستخدام الأنفاق وبطاقة الرهائن.
* الهدف دائما هو كسب الوقت وإرهاق الجيش الإسرائيلي ومنعه من التحقيق في أهداف ذات قيمة استراتيجية. مع العلم أن صعوبة جمع المعلومات من قبل الجيش الإسرائيلي عن حركة حماس تكمن في التحولات والتغيرات السريعة والمفاجئة التي تشهدها ساحة المعركة. بعد كل تقدم إسرائيلي، وبعد كل غارة، يتم خلط أوراق المخابرات.
*وأخيراً وليس آخراً: لأن «حماس» تخوض حرباً وجودية، ميزان القوى فيها كله لصالح إسرائيل، فيكفي أن تستمر حركة «حماس» اليوم، بأي شكل من الأشكال، في العمل ضمن مبدأ “حماس تربح إذا لم تخسر”
من الجانب الإسرائيلي
وتخوض إسرائيل حربها ضمن القيود التالية: – الوقت المتاح لها دوليا، وخاصة من أمريكا. سلامة الرهائن. التكاليف اللازمة لتحقيق الأهداف العسكرية. وأخيراً، الخطر يكمن في إمكانية فتح جبهات أخرى، خصوصاً من لبنان. ولهذا السبب تنتهج إسرائيل النهج التالي:
* تقسيم القطاع بين الشمال والجنوب مع محاولة إفراغ الشمال من السكان لتسهيل العملية العسكرية. في محاولة لضرب مركز ثقل حركة حماس سواء كان بشرياً أو حتى مادياً.
* تحاول إسرائيل قتل أكبر عدد ممكن من مقاتلي حماس، وخاصة قادة العمليات الذين من المتوقع أن يديروا القتال تكتيكياً. وذلك مع العلم أن القادة رفيعي المستوى، التكتيكيين والعملياتيين، هم قادة لا يتواجدون عادة في ساحة المعركة المباشرة، وبالتالي تتضاءل أهميتهم على الأرض، حتى في إدارة القتال. وهكذا يصبح المقاتل العادي، مع رئيسه المباشر، العامل الأهم في الصمود أو النصر أو الهزيمة. لكن الصعوبة التي تواجه إسرائيل في هذا البعد تكمن في عدم قدرتها على قياس النجاح.
* القوات الإسرائيلية تناور وتتقدم حتى تواجه بعض المقاومة. ثم تنسحب هذه القوات لطلب الدعم الناري، سواء بالمدفعية أو الصواريخ أو حتى من سلاح الجو. ومن هنا ارتفاع مستوى الدمار في قطاع غزة. ولذلك فإن مناورة وتنقل القوات الإسرائيلية هي العامل الأهم في منع وقوع خسائر بشرية.
* القوات الإسرائيلية التي تحاول تطويق مدينة غزة ليست بالقوة الكافية للدخول والقتال هناك. ماذا يعني هذا؟
* قد تطلب إسرائيل قوات إضافية من أماكن أخرى لتعزيز القوات التي تدخل المدينة. ويبقى السؤال: على أي جبهة؟ هل ستشارك وبأي ثمن؟ وفي عام 2014، قدر الجيش الإسرائيلي التكلفة البشرية لجنوده الذين يدخلون قطاع غزة بأكمله بما يتراوح بين 500 و1000 جندي.
* يمكن لإسرائيل أن تستخدم التكتيك التالي: بعد تطويق المدينة بالكامل، العمل على جمع معلومات دقيقة عن كل ما يتعلق بـ”حماس”، وتصنيف الأهداف ذات القيمة الاستراتيجية العالية، وبالتالي عزلها الهدف، ضمن ما يعتبر في حرب المدن “ حصار صغير.” (حصار صغير). بعد العزل، حاول تدمير الهدف باستخدام السرعة وعنصر المفاجأة. وهذا ما يسمى “المفاجأة التكتيكية”.
في الختام، هذه هي استراتيجيات الصدام بين حماس من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى. وحتى الآن فإن تكاليف كليهما مرتفعة. وفي الوقت نفسه بدأت عجلة الدبلوماسية جنباً إلى جنب مع المدفع، ولكن مع أفضلية المدفع.. حتى الآن.
source : aawsat.com